نص السؤال

أَلَا يُعَدُّ وجودُ المتشابِهاتِ كما ورَدَتْ في الآيةِ:

{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}

[آل عمران: 7]

، نقصًا في البلاغةِ والإحكام؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل المتشابِهُ في القرآنِ نقصٌ في البلاغة؟

الجواب التفصيلي

لا تعارُضَ بين وصفِ القرآنِ بالإحكامِ، ووصفِهِ بالتشابُهِ؛ فالقرآنُ معجِزٌ بمحكَمِهِ ومتشابِهِه، ولم يستطِعْ فصحاءُ العربِ مجاراتَهُ؛ لا في المحكَمِ منه، ولا في المتشابِهِ؛ وتفصيلُ الكلامِ على ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: وُصِفَ القرآنُ بأنه متشابِهٌ، كما وُصِفَ بأنه محكَمٌ:

فقد وُصِفَ بأنه متشابِهٌ في

قولِهِ تعالى:

{اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}

[الزمر: 23]

، وتشابُهُ القرآنِ هنا بمعنى: تماثُلِ أبعاضِهِ في الإعجاز، وتجاوُبِ النَّظْم، وصحَّةِ المعنى، والدَّلالةِ على المنافعِ العامَّة؛ وعلى هذا المعنى: فكلُّ آياتِ القرآنِ متشابِهةٌ.

وكذلك وُصِفَ بأنه محكَمٌ في

قولِهِ سبحانه:

{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}

[هود: 1]

، أي: نُظِمت نَظْمًا محكَمًا، لا يعتريهِ إخلالٌ مِن جهةِ اللفظِ، ولا مِن جهةِ المعنى؛ وعلى هذا المعنى: فكلُّ آياتِ القرآنِ محكَمةٌ، ومثلُهُ

قولُهُ تعالى:

{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}

[يونس: 1]

على أحدِ القولَيْن.

أما قولُهُ تعالى:

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}

[آل عمران: 7]

-: فقد قسَّم القرآنَ إلى آياتٍ محكَماتٍ، وآياتٍ متشابِهاتٍ:

وقد فسَّر الإمامُ الشافعيُّ «المحكَمَ» بأنه: «ما احتمَلَ مِن التأويلِ وجهًا واحدًا»، و«المتشابِهَ» بأنه: «ما احتمَلَ مِن التأويلِ وجوهًا».

وقال القاضي أبو يَعْلى الحنبليُّ: «وظاهرُ كلامِ أحمدَ رحمه الله: أن المحكَمَ: ما استقَلَّ بنفسِهِ، ولم يَحتَجْ إلى بيان، والمتشابِهَ: ما احتاج إلى بيانٍ».

قال ابنُ تيميَّةَ: «وكذلك قال الإمامُ أحمدُ في رواية».

ولأهلِ السنَّةِ والجماعةِ منهجٌ في التعامُلِ مع الآياتِ المتشابِهةِ؛ وذلك بردِّها إلى المحكَمة، بخلافِ منهجِ أهلِ الأهواءِ والبِدَعِ في اتِّباعِ المتشابِه.

وللتشابُهِ في القرآنِ معانٍ أخرى؛ كما أن للإحكامِ معانيَ أخرى ليس هذا موضعَ تفصيلِها.

ثانيًا: لقد تشابَهَ القرآنُ الكريمُ في الحُسْنِ والبلاغة:

وهذا هو معنى

قولِهِ تعالى:

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

[النساء: 82]

والإعجازُ الذي يُوجَدُ في محكَمِهِ: هو نفسُ الإعجازِ الموجودِ في متشابِهِه.

والقرآنُ كتابُ هدايةٍ؛

قال تعالى:

{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}

[النمل: 1-2]

فالغرَضُ مِن نزولِ الآياتِ المحكَمةِ: هو نفسُهُ الغرَضُ مِن نزولِ الآياتِ المتشابِهة؛ فكلُّ آياتِ القرآنِ فيها خَصُوصيَّةُ الإيصالِ للهداية. والحكمةُ مِن وجودِ المتشابِهِ فيه: هي أنه لو 

كان كلُّ القرآنِ معناه ظاهرًا، لتساوَى في العلمِ به الجاهلُ والعالم.

فالقرآنُ معجِزةٌ خالدة، وإعجازُهُ نظميٌّ وعلميٌّ؛ فهو معجِزٌ في نظمِهِ البيانيّ، وفي أحكامِهِ، ومعانيه.

ثالثًا: الإعجازُ قائمٌ بالمتشابِهِ مِن القرآن، كقِيامِهِ بالمحكَم؛ فكيف يكونُ نقصًا في البلاغة، وهو معجِزٌ بذاتِه؟!:

ولو كان نقصًا، لاستطاعوا أن يأتُوا بمِثلِ آيةٍ منه - نعني هنا: المتشابِهَ - فإذْ لم يستطيعوا، فهو كالمحكَمِ مِن هذا الجانب.

كما يُشارُ ختامًا: إلى أنه لا يَصِحُّ القولُ بأن في القرآنِ ما لا يُعلَمُ معناهُ احتجاجًا بوجودِ المتشابِهِ فيه، والطعنُ في إعجازِهِ بسببِ ذلك؛ فليس المتشابِهُ: هو اللفظَ الذي لا يُعلَمُ معناه، وإنما هو: ما استأثَرَ اللهُ بعلمِهِ؛ مثلُ: معرفةِ كيفيَّةِ صفاتِهِ وأفعالِهِ، ومعرفةِ وقتِ قيامِ الساعة. 

  وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (273).

مختصر الجواب

- وصفُ القرآنِ بالتشابُهِ لا يعارِضُ وصفَهُ بالإحكامِ؛ فالقرآنُ جميعُهُ متشابِهٌ: بمعنى أن بعضَهُ يُشبِهُ بعضًا في الإتقانِ والكمال، والحُسْنِ والبلاغة، والتحدِّي والإعجاز، وجميعُهُ محكَمٌ: بمعنى كمالِهِ جميعِه، وعدمِ وجودِ خلَلٍ فيه.

- القرآنُ معجِزٌ بمحكَمِهِ ومتشابِهِه؛ إذ لم يستطِعْ فصحاءُ العربِ مجاراتَهُ؛ لا في المحكَمِ منه، ولا في المتشابِهِ؛ فالإعجازُ ظاهرٌ في محكَمِ القرآنِ ومتشابِهِه؛ فدَلَّ على عدمِ نقصِ المتشابِهِ في البلاغة.

مع التنبيهِ إلى أنه لا يصحُّ القولُ بأن في القرآنِ ما لا يُعلَمُ معناهُ؛ احتجاجًا بوجودِ المتشابِهِ فيه، والطعنُ في إعجازِهِ بسببِ ذلك؛ فليس المتشابِهُ: هو اللفظَ الذي لا يُعلَمُ معناه، وإنما هو: ما استأثَرَ اللهُ بعلمِهِ؛ مثلُ: معرفةِ كيفيَّةِ صفاتِهِ وأفعالِهِ، ومعرفةِ وقتِ قيامِ الساعة.

مختصر الجواب

- وصفُ القرآنِ بالتشابُهِ لا يعارِضُ وصفَهُ بالإحكامِ؛ فالقرآنُ جميعُهُ متشابِهٌ: بمعنى أن بعضَهُ يُشبِهُ بعضًا في الإتقانِ والكمال، والحُسْنِ والبلاغة، والتحدِّي والإعجاز، وجميعُهُ محكَمٌ: بمعنى كمالِهِ جميعِه، وعدمِ وجودِ خلَلٍ فيه.

- القرآنُ معجِزٌ بمحكَمِهِ ومتشابِهِه؛ إذ لم يستطِعْ فصحاءُ العربِ مجاراتَهُ؛ لا في المحكَمِ منه، ولا في المتشابِهِ؛ فالإعجازُ ظاهرٌ في محكَمِ القرآنِ ومتشابِهِه؛ فدَلَّ على عدمِ نقصِ المتشابِهِ في البلاغة.

مع التنبيهِ إلى أنه لا يصحُّ القولُ بأن في القرآنِ ما لا يُعلَمُ معناهُ؛ احتجاجًا بوجودِ المتشابِهِ فيه، والطعنُ في إعجازِهِ بسببِ ذلك؛ فليس المتشابِهُ: هو اللفظَ الذي لا يُعلَمُ معناه، وإنما هو: ما استأثَرَ اللهُ بعلمِهِ؛ مثلُ: معرفةِ كيفيَّةِ صفاتِهِ وأفعالِهِ، ومعرفةِ وقتِ قيامِ الساعة.

الجواب التفصيلي

لا تعارُضَ بين وصفِ القرآنِ بالإحكامِ، ووصفِهِ بالتشابُهِ؛ فالقرآنُ معجِزٌ بمحكَمِهِ ومتشابِهِه، ولم يستطِعْ فصحاءُ العربِ مجاراتَهُ؛ لا في المحكَمِ منه، ولا في المتشابِهِ؛ وتفصيلُ الكلامِ على ذلك فيما يلي:

أوَّلًا: وُصِفَ القرآنُ بأنه متشابِهٌ، كما وُصِفَ بأنه محكَمٌ:

فقد وُصِفَ بأنه متشابِهٌ في

قولِهِ تعالى:

{اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}

[الزمر: 23]

، وتشابُهُ القرآنِ هنا بمعنى: تماثُلِ أبعاضِهِ في الإعجاز، وتجاوُبِ النَّظْم، وصحَّةِ المعنى، والدَّلالةِ على المنافعِ العامَّة؛ وعلى هذا المعنى: فكلُّ آياتِ القرآنِ متشابِهةٌ.

وكذلك وُصِفَ بأنه محكَمٌ في

قولِهِ سبحانه:

{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}

[هود: 1]

، أي: نُظِمت نَظْمًا محكَمًا، لا يعتريهِ إخلالٌ مِن جهةِ اللفظِ، ولا مِن جهةِ المعنى؛ وعلى هذا المعنى: فكلُّ آياتِ القرآنِ محكَمةٌ، ومثلُهُ

قولُهُ تعالى:

{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}

[يونس: 1]

على أحدِ القولَيْن.

أما قولُهُ تعالى:

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}

[آل عمران: 7]

-: فقد قسَّم القرآنَ إلى آياتٍ محكَماتٍ، وآياتٍ متشابِهاتٍ:

وقد فسَّر الإمامُ الشافعيُّ «المحكَمَ» بأنه: «ما احتمَلَ مِن التأويلِ وجهًا واحدًا»، و«المتشابِهَ» بأنه: «ما احتمَلَ مِن التأويلِ وجوهًا».

وقال القاضي أبو يَعْلى الحنبليُّ: «وظاهرُ كلامِ أحمدَ رحمه الله: أن المحكَمَ: ما استقَلَّ بنفسِهِ، ولم يَحتَجْ إلى بيان، والمتشابِهَ: ما احتاج إلى بيانٍ».

قال ابنُ تيميَّةَ: «وكذلك قال الإمامُ أحمدُ في رواية».

ولأهلِ السنَّةِ والجماعةِ منهجٌ في التعامُلِ مع الآياتِ المتشابِهةِ؛ وذلك بردِّها إلى المحكَمة، بخلافِ منهجِ أهلِ الأهواءِ والبِدَعِ في اتِّباعِ المتشابِه.

وللتشابُهِ في القرآنِ معانٍ أخرى؛ كما أن للإحكامِ معانيَ أخرى ليس هذا موضعَ تفصيلِها.

ثانيًا: لقد تشابَهَ القرآنُ الكريمُ في الحُسْنِ والبلاغة:

وهذا هو معنى

قولِهِ تعالى:

{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

[النساء: 82]

والإعجازُ الذي يُوجَدُ في محكَمِهِ: هو نفسُ الإعجازِ الموجودِ في متشابِهِه.

والقرآنُ كتابُ هدايةٍ؛

قال تعالى:

{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}

[النمل: 1-2]

فالغرَضُ مِن نزولِ الآياتِ المحكَمةِ: هو نفسُهُ الغرَضُ مِن نزولِ الآياتِ المتشابِهة؛ فكلُّ آياتِ القرآنِ فيها خَصُوصيَّةُ الإيصالِ للهداية. والحكمةُ مِن وجودِ المتشابِهِ فيه: هي أنه لو 

كان كلُّ القرآنِ معناه ظاهرًا، لتساوَى في العلمِ به الجاهلُ والعالم.

فالقرآنُ معجِزةٌ خالدة، وإعجازُهُ نظميٌّ وعلميٌّ؛ فهو معجِزٌ في نظمِهِ البيانيّ، وفي أحكامِهِ، ومعانيه.

ثالثًا: الإعجازُ قائمٌ بالمتشابِهِ مِن القرآن، كقِيامِهِ بالمحكَم؛ فكيف يكونُ نقصًا في البلاغة، وهو معجِزٌ بذاتِه؟!:

ولو كان نقصًا، لاستطاعوا أن يأتُوا بمِثلِ آيةٍ منه - نعني هنا: المتشابِهَ - فإذْ لم يستطيعوا، فهو كالمحكَمِ مِن هذا الجانب.

كما يُشارُ ختامًا: إلى أنه لا يَصِحُّ القولُ بأن في القرآنِ ما لا يُعلَمُ معناهُ احتجاجًا بوجودِ المتشابِهِ فيه، والطعنُ في إعجازِهِ بسببِ ذلك؛ فليس المتشابِهُ: هو اللفظَ الذي لا يُعلَمُ معناه، وإنما هو: ما استأثَرَ اللهُ بعلمِهِ؛ مثلُ: معرفةِ كيفيَّةِ صفاتِهِ وأفعالِهِ، ومعرفةِ وقتِ قيامِ الساعة. 

  وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (273).