نص السؤال

إن الإمامَ البخاريَّ رحمَهُ اللهُ تعالى روى في «صحيحِهِ» عن مبتدِعةٍ؛ مثلُ روايتِهِ عن عِمْرانَ بنِ حِطَّانَ، وهو مِن الخوارج؛ فكيف لنا أن نَقبَلَ بعد ذلك صحيحَه؟ 

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

البخاريُّ خالَفَ شروطَ صحَّةِ الحديث

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ حقيقتُها استشكالُ مسألةٍ مطروحةٍ مشهورةٍ في كُتُبِ المصطلَحِ، وهي مسألةُ «الروايةِ عن المبتدِعِ»، ولها تطبيقاتُها في دواوينِ السنَّة، وهي مِن المسائلِ العلميَّةِ التخصُّصيَّة، والحقُّ أن الإمامَ البخاريَّ رحمه اللهُ يُحتَجُّ بتصرُّفاتِهِ في مِثلِ هذه المَضايِقِ، ولا يُحتَجُّ عليها.
والجوابُ عن هذه الشبهةِ يحتاجُ إلى بيانِ ما يتعلَّقُ بمسألةِ «الروايةِ عن المبتدِعِ» مِن ضوابط.
وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجوه:
1- العِبرةُ في الراوي بصحَّةِ حديثِهِ، وإتقانِ حفظِه:
ومَن رُمِيَ ببِدْعةٍ إذا كان صادقًا في روايتِه، ضابطًا لحديثِه، فلا يُوجَدُ ما يَمنَعُ مِن قَبولِ روايتِه، والمتتبِّعُ لأحوالِ الرواةِ يرى بعضًا ممَّن رُمِيَ ببِدْعةٍ موضعًا للثقةِ والاطمئنان؛ مثلُ طَلْقِ بنِ حَبِيبٍ، وأيُّوبَ بنِ عائذٍ الطائيِّ، وكم في «الصحيحَيْنِ»، مِن جماعةٍ صُحِّحت أحاديثُهم وهم قدَريَّةٌ، وخوارجُ، ومرجئةٌ، ومما يدُلُّ على ضبطِ مَن روى عنهم البخاريُّ ممَّن رُمِيَ ببدعةٍ: أنه رَوَى عنهم مقرونِينَ بغيرِهم؛ مثلُ عبَّادِ بنِ يعقوبَ الرَّواجِنيِّ، روى عنه البخاريُّ مقرونًا مع سليمانَ بنِ حَرْبٍ.
2- الراويةُ عن المبتدِعِ هو مذهبُ كثيرٍ مِن المحدِّثينَ النقَّاد:
ولو تُرِكَ حديثُ كلِّ مبتدِعٍ، أو مَن رُمِيَ ببدعةٍ، لكان في ذلك تضييعٌ لكثيرٍ مِن أحاديثِ السنَّةِ التي رواها أهلُ الصدقِ ممن تلبَّس ببِدْعةٍ.
3- ليس كلُّ مَن رُمِيَ ببدعةٍ تكونُ بدعتُهُ قد ثبَتَتْ عليه:
مثالُ ذلك: الحكَمُ بنُ عُتَيبةَ الكِنْديُّ، رُمِيَ ببدعةٍ، ولم تثبُتْ عليه، بل مِن الرواةِ مَن يتبرَّأُ مِن البدعةِ التي يُرْمى بها؛ كتبرُّؤِ الحسَنِ البصريِّ مِن بدعةِ القدَريَّة.
4- بعضُ العلماءِ خالَفوا الإمامَ البخاريَّ في إخراجِهِ عن بعضِ المبتدِعةِ، دون أن يعُدُّوا ذلك خلَلًا منهجيًّا؛ كانتقادِ الدارَقُطْنيِّ له رِوايتَهُ عن عِمْرانَ بنِ حِطَّانَ.
5- المبتدِعةُ الذين تُقبَلُ روايتُهم لهم شروطٌ، منها: ألا تكونَ بِدْعتُهم مكفِّرةً، وألا يكونوا مستحِلِّينَ للكذبِ؛ كالخطَّابيَّة:
فلا يُوجَدُ في الصحيحِ ولا في غيرِهِ مَن رُمِيَ ببدعةٍ مكفِّرةٍ، متَّفَقٍ على التكفيرِ بها.
6- مأخذُ العلماءِ في تركِ الروايةِ عن المبتدِعِ: هو الزجرُ والعقوبةُ؛ وذلك مما يُناطُ بالمصلحةِ؛ فقد تُقبَلُ روايةُ المبتدِعِ بشروطِها إذا اقتضَتِ المصلحةُ ذلك.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:
إن الإمامَ البخاريَّ رحمه اللهُ روَى في «صحيحِهِ» عن المبتدِعةِ، أو عن بعضِهم؛ وهذا في نظرِ صاحبِ السؤالِ: يدُلُّ على أن التحرِّيَ في روايةِ الحديث، والمنهجيَّةَ الصارمةَ التي يدَّعيها مؤيِّدو البخاريِّ، ليست أمرًا حقيقيًّا. 
مختصَرُ الإجابة:
ليست الروايةُ عن المبتدِعةِ مردودةً بإطلاقٍ عند أهلِ العلمِ بالحديث؛ فقد تُقبَلُ إذا اجتمَعَتْ فيه سائرُ الشروط، ولم تكن بِدْعتُهُ مكفِّرةً، ولم يكن مستحِلًّا للكذبِ؛ كالخطَّابيَّة.
والخوارجُ - ومنهم عِمْرانُ بنُ حِطَّانَ - ليسوا كفَّارًا، بل الخوارجُ مِن أشدِّ الناسِ اجتنابًا للكذب، كما هو معلومٌ.
إضافةً إلى أنه ليس كلُّ مَن رُمِيَ ببدعةٍ تكونُ بدعتُهُ قد ثبَتَتْ عليه، بل قد يكونُ رجَعَ عنها، أو تبرَّأ منها؛ كما أن مأخذَ العلماءِ في تركِ الروايةِ عن المبتدِعِ: هو الزجرُ والعقوبةُ؛ وذلك مما يُناطُ بالمصلحةِ؛ فقد تُقبَلُ روايةُ المبتدِعِ بشروطِها إذا اقتضَتِ المصلحةُ ذلك.
وعلى ذلك: فلم يكن البخاريُّ رحمه اللهُ مخالِفًا للشروطِ التي اعتمَدَها في «صحيحِهِ»، بل كان في غايةِ الدقَّةِ والتحرِّي في الرواية. 

خاتمة الجواب


مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:
إن الإمامَ البخاريَّ رحمه اللهُ روَى في «صحيحِهِ» عن المبتدِعةِ، أو عن بعضِهم؛ وهذا في نظرِ صاحبِ السؤالِ: يدُلُّ على أن التحرِّيَ في روايةِ الحديث، والمنهجيَّةَ الصارمةَ التي يدَّعيها مؤيِّدو البخاريِّ، ليست أمرًا حقيقيًّا. 
مختصَرُ الإجابة:
ليست الروايةُ عن المبتدِعةِ مردودةً بإطلاقٍ عند أهلِ العلمِ بالحديث؛ فقد تُقبَلُ إذا اجتمَعَتْ فيه سائرُ الشروط، ولم تكن بِدْعتُهُ مكفِّرةً، ولم يكن مستحِلًّا للكذبِ؛ كالخطَّابيَّة.
والخوارجُ - ومنهم عِمْرانُ بنُ حِطَّانَ - ليسوا كفَّارًا، بل الخوارجُ مِن أشدِّ الناسِ اجتنابًا للكذب، كما هو معلومٌ.
إضافةً إلى أنه ليس كلُّ مَن رُمِيَ ببدعةٍ تكونُ بدعتُهُ قد ثبَتَتْ عليه، بل قد يكونُ رجَعَ عنها، أو تبرَّأ منها؛ كما أن مأخذَ العلماءِ في تركِ الروايةِ عن المبتدِعِ: هو الزجرُ والعقوبةُ؛ وذلك مما يُناطُ بالمصلحةِ؛ فقد تُقبَلُ روايةُ المبتدِعِ بشروطِها إذا اقتضَتِ المصلحةُ ذلك.
وعلى ذلك: فلم يكن البخاريُّ رحمه اللهُ مخالِفًا للشروطِ التي اعتمَدَها في «صحيحِهِ»، بل كان في غايةِ الدقَّةِ والتحرِّي في الرواية. 

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:
هذه الشبهةُ حقيقتُها استشكالُ مسألةٍ مطروحةٍ مشهورةٍ في كُتُبِ المصطلَحِ، وهي مسألةُ «الروايةِ عن المبتدِعِ»، ولها تطبيقاتُها في دواوينِ السنَّة، وهي مِن المسائلِ العلميَّةِ التخصُّصيَّة، والحقُّ أن الإمامَ البخاريَّ رحمه اللهُ يُحتَجُّ بتصرُّفاتِهِ في مِثلِ هذه المَضايِقِ، ولا يُحتَجُّ عليها.
والجوابُ عن هذه الشبهةِ يحتاجُ إلى بيانِ ما يتعلَّقُ بمسألةِ «الروايةِ عن المبتدِعِ» مِن ضوابط.
وبيانُ ذلك تفصيلًا مِن وجوه:
1- العِبرةُ في الراوي بصحَّةِ حديثِهِ، وإتقانِ حفظِه:
ومَن رُمِيَ ببِدْعةٍ إذا كان صادقًا في روايتِه، ضابطًا لحديثِه، فلا يُوجَدُ ما يَمنَعُ مِن قَبولِ روايتِه، والمتتبِّعُ لأحوالِ الرواةِ يرى بعضًا ممَّن رُمِيَ ببِدْعةٍ موضعًا للثقةِ والاطمئنان؛ مثلُ طَلْقِ بنِ حَبِيبٍ، وأيُّوبَ بنِ عائذٍ الطائيِّ، وكم في «الصحيحَيْنِ»، مِن جماعةٍ صُحِّحت أحاديثُهم وهم قدَريَّةٌ، وخوارجُ، ومرجئةٌ، ومما يدُلُّ على ضبطِ مَن روى عنهم البخاريُّ ممَّن رُمِيَ ببدعةٍ: أنه رَوَى عنهم مقرونِينَ بغيرِهم؛ مثلُ عبَّادِ بنِ يعقوبَ الرَّواجِنيِّ، روى عنه البخاريُّ مقرونًا مع سليمانَ بنِ حَرْبٍ.
2- الراويةُ عن المبتدِعِ هو مذهبُ كثيرٍ مِن المحدِّثينَ النقَّاد:
ولو تُرِكَ حديثُ كلِّ مبتدِعٍ، أو مَن رُمِيَ ببدعةٍ، لكان في ذلك تضييعٌ لكثيرٍ مِن أحاديثِ السنَّةِ التي رواها أهلُ الصدقِ ممن تلبَّس ببِدْعةٍ.
3- ليس كلُّ مَن رُمِيَ ببدعةٍ تكونُ بدعتُهُ قد ثبَتَتْ عليه:
مثالُ ذلك: الحكَمُ بنُ عُتَيبةَ الكِنْديُّ، رُمِيَ ببدعةٍ، ولم تثبُتْ عليه، بل مِن الرواةِ مَن يتبرَّأُ مِن البدعةِ التي يُرْمى بها؛ كتبرُّؤِ الحسَنِ البصريِّ مِن بدعةِ القدَريَّة.
4- بعضُ العلماءِ خالَفوا الإمامَ البخاريَّ في إخراجِهِ عن بعضِ المبتدِعةِ، دون أن يعُدُّوا ذلك خلَلًا منهجيًّا؛ كانتقادِ الدارَقُطْنيِّ له رِوايتَهُ عن عِمْرانَ بنِ حِطَّانَ.
5- المبتدِعةُ الذين تُقبَلُ روايتُهم لهم شروطٌ، منها: ألا تكونَ بِدْعتُهم مكفِّرةً، وألا يكونوا مستحِلِّينَ للكذبِ؛ كالخطَّابيَّة:
فلا يُوجَدُ في الصحيحِ ولا في غيرِهِ مَن رُمِيَ ببدعةٍ مكفِّرةٍ، متَّفَقٍ على التكفيرِ بها.
6- مأخذُ العلماءِ في تركِ الروايةِ عن المبتدِعِ: هو الزجرُ والعقوبةُ؛ وذلك مما يُناطُ بالمصلحةِ؛ فقد تُقبَلُ روايةُ المبتدِعِ بشروطِها إذا اقتضَتِ المصلحةُ ذلك.

خاتمة الجواب