نص السؤال

إذا كان كلُّ شيءٍ مكتوبًا، فأفعالُ العبادِ مكتوبةٌ في اللَّوْحِ المحفوظ، ومعلومةٌ في التقديرِ السابقِ؛ فما فائدةُ الدعاءِ إذَنْ؟

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

ما فائدةُ الدعاءِ والسعيِ؛ إذا كان كلُّ شيءٍ مكتوبًا؟

لماذا يجبُ علينا أن ندعُوَ اللهَ، وهو فعَّالٌ لِمَا يريدُ؟

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

أوَّلًا: الدعاءُ عبادةٌ:

مِن أجَلِّ العباداتِ التي تعبَّد اللهُ بها خَلْقَه، وأعظمِها أجرًا عنده سبحانه وتعالى: الدعاءُ؛ كما في الحديثِ عن النبيِّ ^:

«الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قرَأَ:

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

[غافر: 60]

»

رواه أحمدُ (4/ 271 رقم 18410)، وأبو داود (1479)، والتِّرمِذيُّ (2969)، وابنُ ماجهْ (3828).

وعليه: فأوَّلُ أثَرٍ على العبدِ مِن دعاءِ اللهِ: أن يُكتَبَ أجرُهُ في صحيفتِه، وهو بابٌ عظيمٌ للأُنْسِ باللهِ سبحانه، والقُرْبِ منه، والتمتُّعِ بلذَّةِ مناجاتِه، وهو سبحانه يحبُّ أن يَرَى عبادَهُ متذلِّلينَ بين يَدَيْه؛ قال تعالى:

{وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ}

[النساء: 32].

إذنِ الدعاءُ ليس عند الحاجةِ والمُصيبةِ فقطْ، كما يَفعَلُ كثيرٌ مِن الناس، وإنما مَنشَؤُهُ الحقيقيُّ حُبُّ العبدِ لربِّه، وشوقُهُ إلى مناجاتِه، فيدعو ربَّه تضرُّعًا وتودُّدًا إليه، لا اختبارًا وتجريبًا.

فكلُّ دعاءِ عبادةٍ مستلزِمٌ لدعاءِ المسألة، وكلُّ دعاءِ مسألةٍ متضمِّنٌ لدعاءِ العبادة؛ فالدعاءُ في حدِّ ذاتِهِ عبادةٌ، كما أن التسبيحَ عبادةٌ، والصلاةَ عبادةٌ.

ثانيًا: الأمورُ بأسبابِها، وقد جعَلَ اللهُ دعاءَهُ مِن أعظمِ أسبابِ حصولِ المطلوب:

مِثلَ ما يُقالُ في أهميَّةِ الدعاء، يُقالُ في أهميَّةِ السعيِ وطلَبِ الرِّزْق؛ لسدِّ حاجاتِ الطعامِ والشرابِ وغيرِها، والذَّهابِ للطبيبِ، وأخذِ الدواءِ عند المرَض، وطلَبِ العِلمِ الذي تُبْنى به الحضاراتُ، ويتحقَّقُ به الرَّفَاهُ.

فإذا اعتقَدتَّ أن الدعاءَ لا قِيمةَ له؛ إذا كان اللهُ قدَّر كلَّ شيءٍ، فلماذا تَفعَلُ هذه الأشياءَ، وأنت تَعلَمُ يقينًا بأهميَّتِها، وتجدُ أثَرَها أمام عَيْنَيْكَ؟!

والعقلاءُ مُتَّفِقون على أن السعيَ، وطلَبَ العِلمِ، والذَّهابَ للطبيبِ؛ كلُّ هذه أسبابٌ لا يُنازَعُ في أثرِها وأهميَّتِها.

والجوابُ على هذه القضيَّةِ وغيرِها التي مِن قَبيلِ: ما فائدةُ السعي؟ وأين العدلُ الإلهيُّ؛ إذا كانت أفعالُ العبادِ مكتوبةً في اللَّوْحِ المحفوظ؟:

أن اللهَ قدَّر كلِّ شيءٍ بأسبابِهِ، والعمَلُ بالأسبابِ لا يُنافي التقديرَ السابق؛ فإن كلَّ شيءٍ قُدِّرَ يوم قُدِّرَ بأسبابِه.

فكما أن الدواءَ سببٌ في الشفاء، والسعيَ في طلَبِ العِلمِ سببٌ في تحصيلِه، والبذلَ في طلَبِ الرِّزقِ سببٌ في تحصيلِه، فكذلك الدعاءُ سببٌ مِن أسبابِ الفوزِ بعطاءِ اللهِ ورِضوانِه.

وكما أن الإنسانَ قد يبذُلُ الأسبابَ في طلَبِ الرِّزقِ؛ فلا يحصُلُ له ما أراد لتخلُّفِ شرطٍ، أو لوجودِ مانعٍ، فكذلك قد يدعو الإنسانُ؛ فلا يحصُلُ له ما أراد لتخلُّفِ شرطٍ، أو لوجودِ مانعٍ.

فالعبدُ يدورُ مع الأسباب، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقل؛ فيجبُ عليه أن يأخُذَ بالأسبابِ أوَّلًا - ومنها الدعاءُ - كأنها كلُّ شيء، ثم يتوكَّلَ على اللهِ وكأن الأسبابَ لا شيء.

وإنما يؤمِنُ أن الله قدَّر الأشياءَ، وأن حصولَ الأشياءِ بحصولِ أسبابِها. ولذا كان ردُّ النبيِّ ^ عندما قال له القومُ:

«أَفَلَا نَدَعُ الْعَمَلَ، وَنَتَّكِلُ عَلَى الْكِتَابِ؟ فَقَالَ ^: لَا، اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»

رواه البخاري (6596)، وغيرُه.

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

أوَّلًا: نحن ندعو؛ لأن الدعاءَ مِن أعظمِ أسبابِ حصولِ المطلوب، تمامًا كما أننا نأكُلُ ونَشرَبُ؛ لأن الأكلَ والشُّرْبَ مِن أسبابِ الشِّبَعِ، وإزالةِ ألمِ الجوعِ والعطشِ، والأسبابُ مِن القَدَرِ المكتوب؛ فإن اللهَ قدَّر كلِّ شيءٍ بأسبابِهِ، والعمَلُ بالأسبابِ لا يُنافي التقديرَ السابق؛ فإن كلَّ شيءٍ قُدِّرَ يوم قُدِّرَ بأسبابِه، وعدمُ تحقُّقِ الدعاءِ هو أمرٌ عارضٌ، كما يَعرِضُ لجميعِ الأسبابِ في الدنيا؛ إذا لم تتحقَّقْ شروطُها، أو عارَضها ما هو مقدَّمٌ عليها؛ فقد لا يحقِّقُهُ اللهُ تعالى لسببٍ فيه مِن ظلمِ صاحبِها وأكلِهِ للحرامِ، أو رحمةٍ به لادِّخارِهِ له ما هو أفضلُ منها.

فالعبدُ يدورُ مع الأسباب، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقل؛ فيجبُ عليه أن يأخُذَ بالأسبابِ أوَّلًا - ومنها الدعاءُ - كأنها كلُّ شيء، ثم يتوكَّلَ على اللهِ وكأن الأسبابَ لا شيء. 

  ثانيًا: الدعاءُ عبادةٌ عظيمةُ الأجرِ، وبابٌ عظيمٌ للأُنْسِ باللهِ سبحانه، والقُرْبِ منه، والتمتُّعِ بلذَّةِ مناجاتِه؛ قال ^:

«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذَنْ نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ»

رواه أحمدُ (17/213 رقم 11133)

 وقال أيضًا:

«الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»

رواه أحمدُ (4/ 271 رقم 18410).

مختصر الجواب

مختصَرُ الإجابة:

أوَّلًا: نحن ندعو؛ لأن الدعاءَ مِن أعظمِ أسبابِ حصولِ المطلوب، تمامًا كما أننا نأكُلُ ونَشرَبُ؛ لأن الأكلَ والشُّرْبَ مِن أسبابِ الشِّبَعِ، وإزالةِ ألمِ الجوعِ والعطشِ، والأسبابُ مِن القَدَرِ المكتوب؛ فإن اللهَ قدَّر كلِّ شيءٍ بأسبابِهِ، والعمَلُ بالأسبابِ لا يُنافي التقديرَ السابق؛ فإن كلَّ شيءٍ قُدِّرَ يوم قُدِّرَ بأسبابِه، وعدمُ تحقُّقِ الدعاءِ هو أمرٌ عارضٌ، كما يَعرِضُ لجميعِ الأسبابِ في الدنيا؛ إذا لم تتحقَّقْ شروطُها، أو عارَضها ما هو مقدَّمٌ عليها؛ فقد لا يحقِّقُهُ اللهُ تعالى لسببٍ فيه مِن ظلمِ صاحبِها وأكلِهِ للحرامِ، أو رحمةٍ به لادِّخارِهِ له ما هو أفضلُ منها.

فالعبدُ يدورُ مع الأسباب، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقل؛ فيجبُ عليه أن يأخُذَ بالأسبابِ أوَّلًا - ومنها الدعاءُ - كأنها كلُّ شيء، ثم يتوكَّلَ على اللهِ وكأن الأسبابَ لا شيء. 

  ثانيًا: الدعاءُ عبادةٌ عظيمةُ الأجرِ، وبابٌ عظيمٌ للأُنْسِ باللهِ سبحانه، والقُرْبِ منه، والتمتُّعِ بلذَّةِ مناجاتِه؛ قال ^:

«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذَنْ نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ»

رواه أحمدُ (17/213 رقم 11133)

 وقال أيضًا:

«الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»

رواه أحمدُ (4/ 271 رقم 18410).

الجواب التفصيلي

الجوابُ التفصيليّ:

أوَّلًا: الدعاءُ عبادةٌ:

مِن أجَلِّ العباداتِ التي تعبَّد اللهُ بها خَلْقَه، وأعظمِها أجرًا عنده سبحانه وتعالى: الدعاءُ؛ كما في الحديثِ عن النبيِّ ^:

«الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قرَأَ:

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}

[غافر: 60]

»

رواه أحمدُ (4/ 271 رقم 18410)، وأبو داود (1479)، والتِّرمِذيُّ (2969)، وابنُ ماجهْ (3828).

وعليه: فأوَّلُ أثَرٍ على العبدِ مِن دعاءِ اللهِ: أن يُكتَبَ أجرُهُ في صحيفتِه، وهو بابٌ عظيمٌ للأُنْسِ باللهِ سبحانه، والقُرْبِ منه، والتمتُّعِ بلذَّةِ مناجاتِه، وهو سبحانه يحبُّ أن يَرَى عبادَهُ متذلِّلينَ بين يَدَيْه؛ قال تعالى:

{وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ}

[النساء: 32].

إذنِ الدعاءُ ليس عند الحاجةِ والمُصيبةِ فقطْ، كما يَفعَلُ كثيرٌ مِن الناس، وإنما مَنشَؤُهُ الحقيقيُّ حُبُّ العبدِ لربِّه، وشوقُهُ إلى مناجاتِه، فيدعو ربَّه تضرُّعًا وتودُّدًا إليه، لا اختبارًا وتجريبًا.

فكلُّ دعاءِ عبادةٍ مستلزِمٌ لدعاءِ المسألة، وكلُّ دعاءِ مسألةٍ متضمِّنٌ لدعاءِ العبادة؛ فالدعاءُ في حدِّ ذاتِهِ عبادةٌ، كما أن التسبيحَ عبادةٌ، والصلاةَ عبادةٌ.

ثانيًا: الأمورُ بأسبابِها، وقد جعَلَ اللهُ دعاءَهُ مِن أعظمِ أسبابِ حصولِ المطلوب:

مِثلَ ما يُقالُ في أهميَّةِ الدعاء، يُقالُ في أهميَّةِ السعيِ وطلَبِ الرِّزْق؛ لسدِّ حاجاتِ الطعامِ والشرابِ وغيرِها، والذَّهابِ للطبيبِ، وأخذِ الدواءِ عند المرَض، وطلَبِ العِلمِ الذي تُبْنى به الحضاراتُ، ويتحقَّقُ به الرَّفَاهُ.

فإذا اعتقَدتَّ أن الدعاءَ لا قِيمةَ له؛ إذا كان اللهُ قدَّر كلَّ شيءٍ، فلماذا تَفعَلُ هذه الأشياءَ، وأنت تَعلَمُ يقينًا بأهميَّتِها، وتجدُ أثَرَها أمام عَيْنَيْكَ؟!

والعقلاءُ مُتَّفِقون على أن السعيَ، وطلَبَ العِلمِ، والذَّهابَ للطبيبِ؛ كلُّ هذه أسبابٌ لا يُنازَعُ في أثرِها وأهميَّتِها.

والجوابُ على هذه القضيَّةِ وغيرِها التي مِن قَبيلِ: ما فائدةُ السعي؟ وأين العدلُ الإلهيُّ؛ إذا كانت أفعالُ العبادِ مكتوبةً في اللَّوْحِ المحفوظ؟:

أن اللهَ قدَّر كلِّ شيءٍ بأسبابِهِ، والعمَلُ بالأسبابِ لا يُنافي التقديرَ السابق؛ فإن كلَّ شيءٍ قُدِّرَ يوم قُدِّرَ بأسبابِه.

فكما أن الدواءَ سببٌ في الشفاء، والسعيَ في طلَبِ العِلمِ سببٌ في تحصيلِه، والبذلَ في طلَبِ الرِّزقِ سببٌ في تحصيلِه، فكذلك الدعاءُ سببٌ مِن أسبابِ الفوزِ بعطاءِ اللهِ ورِضوانِه.

وكما أن الإنسانَ قد يبذُلُ الأسبابَ في طلَبِ الرِّزقِ؛ فلا يحصُلُ له ما أراد لتخلُّفِ شرطٍ، أو لوجودِ مانعٍ، فكذلك قد يدعو الإنسانُ؛ فلا يحصُلُ له ما أراد لتخلُّفِ شرطٍ، أو لوجودِ مانعٍ.

فالعبدُ يدورُ مع الأسباب، ويتعامَلُ معها بحكمةٍ وعقل؛ فيجبُ عليه أن يأخُذَ بالأسبابِ أوَّلًا - ومنها الدعاءُ - كأنها كلُّ شيء، ثم يتوكَّلَ على اللهِ وكأن الأسبابَ لا شيء.

وإنما يؤمِنُ أن الله قدَّر الأشياءَ، وأن حصولَ الأشياءِ بحصولِ أسبابِها. ولذا كان ردُّ النبيِّ ^ عندما قال له القومُ:

«أَفَلَا نَدَعُ الْعَمَلَ، وَنَتَّكِلُ عَلَى الْكِتَابِ؟ فَقَالَ ^: لَا، اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»

رواه البخاري (6596)، وغيرُه.