نص السؤال

إن القِوامةَ قَيْدٌ مِن قيودِ الرِّقِّ والاستعباد، وإلغاءٌ لشخصيَّةِ المرأة، وتعطيلٌ لقُوَى المجتمَعِ وفعَّاليَّتِه، وهَدْرٌ لطاقاتِه؛ فالمرأةُ تظَلُّ طوالَ حياتِها محبوسةً، فلا تخرُجُ إلا إلى بيتِ الزوجيَّة، ومنه إلى القبر.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

دعوى أن القِوامةَ تخالِفُ حقوقَ الإنسان.

الجواب التفصيلي


إن الطعنَ في حقِّ القِوامةِ للرجُلِ جاء مِن جهةِ المستشرِقِين والحَدَاثيِّين الذين يَدْعُون إلى قراءاتٍ جديدةٍ للنصِّ الشرعيِّ، وهم يُظهِرون في ذلك غايةَ الإشفاقِ على المرأة، ويُبْطِنون غايةَ الشرّ، وهو إخراجُ المرأةِ عن فطرتِها وحيائِها ودينِها؛ كما كان المنافِقون الأوائلُ يَفعَلون.

والجوابُ عن هذه الشبهةِ يحتاجُ إلى بيانِ مفهومِ القِوامةِ في الشريعة، وأنه منافٍ للقهرِ والتسلُّطِ، وكذلك إلى بيانِ ضوابطِ القِوامةِ في الشريعة، وأن القِوامةَ لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ، وأنها تكميلٌ لما يفُوتُ مِن حقِّ المرأةِ لو استقَلَّتْ بنفسِها:

وبيانُ ذلك مِن وجوه:

1) القِوامةُ مسؤوليَّةٌ، والمسؤولُ مطالَبٌ بالرحمةِ والعدل:

فالإسلامُ منَحَ القِوامةَ للرجُل، ولم يَشرَعْ للرجُلِ الاستبدادَ بالمرأةِ، أو التسلُّطَ في الإدارةِ، ولم يُرِدْ أن تكونَ القِوامةُ سلاحًا مسلَّطًا على المرأة، بل جعَلَ هذه الدرَجةَ درَجةَ إشرافٍ وتوجيه، وإدارةٍ ومسؤوليَّة، والمسؤولُ لا بدَّ أن يتَّصِفَ بالرحمةِ والرأفة، والتسامُحِ والتشاوُر؛ فهي ليست درَجةَ تسلُّطٍ أو استبدادٍ أو سيطرة، بل هي قائمةٌ على الشُّورى والتفاهُمِ والتعاوُن، ثم إنها لم تُلْغِ شخصيَّةَ المرأةِ؛ فالمرأةُ في ظِلِّ القِوامةِ تتمتَّعُ بكاملِ حقوقِها، وتمارِسُ وظائفَها بحرِّيَّةٍ مطلَقةٍ.

فـ «القِوامةُ»: هي رياسةٌ يتصرَّفُ فيها المرؤوسُ بإرادتِهِ واختيارِه، وليس معناها أن يكونَ المرؤوسُ مقهورًا، مسلوبَ الإرادةِ، لا يَعمَلُ إلا ما يوجِّهُهُ إليه رئيسُه؛ فإن كونَ الشخصِ قيِّمًا على آخَرَ، هذا لا يعني إلا إرشادَهُ ومراقَبتَهُ في تنفيذِ ما يُرشِدُهُ إليه، أي: ملاحَظتَهُ في أعمالِهِ وتربيتَه، وهي - بهذا الاعتبارِ - مسؤوليَّةٌ وعِبْءٌ على الرجُلِ أكثرَ مِنها على المرأة؛ فالقِوامةُ إمارةٌ، والأصلُ في الإمارةِ: أنها تكليفٌ لا تشريف؛ لأن غُرمَها أعظمُ مِن غُنمِها.

2) حقُّ القِوامةِ في الشريعةِ له ضوابطُ:

فالقِوامةُ في الشريعةِ الإسلاميَّةِ لها مدًى تقفُ عنده، وتنتهي إليه:

فهي لا تمتدُّ إلى «حرِّيَّةِ الدِّينِ»؛ فليس للرجُلِ أن يُكرِهَ زوجتَهُ على تغييرِ دِينِها إذا كانت كتابيَّةً، ولا يُجبِرَها على اتِّباعِ مذهبٍ معيَّنٍ، أو اجتهادٍ محدَّدٍ مِن الاجتهاداتِ الفقهيَّةِ في الإسلامِ التي لا تخالِفُ نصًّا ولا إجماعًا.

كما لا تمتدُّ تلك القِوامةُ إلى «حرِّيَّةِ المرأةِ في أموالِها الخاصَّة»، ولا في «الحقوقِ المدنيَّةِ جميعِها»، وليس لها طاعتُهُ؛ «إذا أمَرَها بمعصية».

3) القِوامةُ لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ:

فإنما مُنِحَتِ القِوامةُ للرجُلِ بسببِ خصائصِه، واستعدادتِهِ الفطريَّة، ولتوزيعِ المَهامِّ بينه وبين المرأة، وقد مُنِحتِ المرأةُ مَهامَّ توازي مَهامَّ الرجُل، بل قد تكونُ أعظمَ مِن مَهامِّ الرجُلِ ووظائفِهِ أحيانًا.

4) القِوامةُ تكميلٌ لما يفُوتُ ويَضيعُ مِن حقِّ المرأةِ لو استقَلَّتْ بنفسِها:

ولذا نجدُ أن أكثرَ ما تَقْوى القِوامةُ للرجُلِ على المرأةِ عند حاجتِها إلى معامَلةِ الرجال؛ لذا يحرُمُ سفَرُها بلا مَحرَمٍ، أو خَلْوتُها، أو اختلاطُها بهم؛ لأن المرأةَ تضعُفُ عند الرجُلِ الأجنبيِّ لحيائِها، ويضعُفُ الرجلُ والمرأةُ إذا كانا أجنبيَّيْنِ بعضُهما أمام بعضٍ؛ لمَيْلِ أحدِ الجنسَيْنِ إلى الآخَرِ فطرةً، فتضيعُ الحقوقُ الماليَّةُ والزوجيَّةُ وغيرُهما تحت سِتارِ العاطفة.

وإذا حضَرَتِ العاطفةُ، فقد يَغيبُ العقلُ، ويَضيعُ العدلُ؛ ولهذا فقد جعَلَ اللهُ لها وليًّا في نكاحِها، لا تحضُرُ العاطفةُ معه في مقابِلِ الرجُل؛ فيَحفَظُ للمرأةِ حقَّها في مَهْرِها، واختيارِ زوجِها، وشروطِ نكاحِها، ولو جاز للنساءِ أن يَعقِدْنَ لأنفُسِهنَّ على الرجالِ، لضاعت حقوقُهُنَّ؛ فجعَلَ اللهُ بينهما وليًّا يقومُ بما قد يفُوتُ ويَضيعُ مِن حظِّها؛ لحضورِ عاطِفتِها مع الرجُلِ الأجنبيِّ عنها، وإذا زوَّجها وليُّها، انتقَلتِ القِوامةُ إلى زوجِها الذي كانت هي تحتاجُ إلى قيِّمٍ يقومُ بأمرِ زواجِها منه؛ لأن الزوجَ قبل العقدِ أجنبيٌّ، وبعده قريبٌ يَحفَظُ حقَّها، ويَرْعى شأنَها؛ كما أوضحناهُ في الأوجُهِ المتقدِّمةِ آنفًا.

ولحكمةٍ إلهيَّةٍ بالِغةٍ قرَنَ القرآنُ الكريمُ فى آياتِ القِوامةِ بين مساواةِ النساءِ للرجال، وبين درَجةِ القِوامةِ التى للرجالِ على النساء، بل قدَّم هذه المساواةَ على تلك الدرَجةَ، عاطفًا الثانيةَ على الأُولى بـ «واوِ العطف»، دلالةً على المعيَّةِ والاقتران، أي: أن المساواةَ والقِوامةَ صِنْوانِ مقترِنان، يرتبِطُ كلٌّ منهما بالآخَر، وليسا نقيضَيْنِ؛ حتى يتوهَّمَ واهمٌ أن القِوامةَ نقيضٌ ينتقِصُ مِن المساواة.

ولحكمةٍ إلهيَّةٍ جاء ذلك فى القرآنِ الكريمِ، عندما قال اللهُ سبحانه وتعالى فى الحديثِ عن شؤونِ الأسرةِ وأحكامِها:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}

[البقرة: 228]

؛ سبحانه وتعالى.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (135)، (143)، (146)، (147)، (149)، (205)، (211)، (214)، (227)، (233)، (240)، (246).

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إن صاحبَ السؤالِ يريدُ أن يقولَ: إن مبدأَ القِوامةِ مَبدَأٌ يخالِفُ حقوقَ الإنسان.

مختصَرُ الإجابة:

إن الأسرةَ تمثِّلُ مَملَكةً مصغَّرةً، يُديرُ الرجُلُ شؤونَها، ويُشرِفُ على قيادتِها ورعايتِها؛ باعتبارِهِ الأقدَرَ على تحمُّلِ تلك المسؤوليَّة؛ بما زوَّده اللهُ به مِن قُدُرات، وأمدَّه مِن طاقاتٍ وإمكانات.

وهذه الإدارةُ تُسمَّى في الشرعِ: «القِوامةَ»، وهي لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ، ولا تعني أيضًا التسلُّطَ والدِّكْتاتُوريَّةَ، أو الاستبدادَ والسيطرةَ والقهر، وإنما تعني المسؤوليَّةَ والتكليفَ الذي تقتضيهِ هندسةُ الأسرةِ وطبيعةُ الحياة؛ إذْ لا يُمكِنُ للأسرةِ أن يستقيمَ بناؤُها، ويستمِرَّ عطاؤُها، إلا في ظِلِّ إدارةٍ وقيادةٍ ومسؤوليَّةٍ واحدة، أناطها اللهُ بالرجُلِ بقولِهِ سبحانه:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}

[البقرة: 228]

، أي: درَجةُ القِوامةِ، ولقولِهِ عزَّ وجلَّ:

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}

[النساء: 34].

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

إن صاحبَ السؤالِ يريدُ أن يقولَ: إن مبدأَ القِوامةِ مَبدَأٌ يخالِفُ حقوقَ الإنسان.

مختصَرُ الإجابة:

إن الأسرةَ تمثِّلُ مَملَكةً مصغَّرةً، يُديرُ الرجُلُ شؤونَها، ويُشرِفُ على قيادتِها ورعايتِها؛ باعتبارِهِ الأقدَرَ على تحمُّلِ تلك المسؤوليَّة؛ بما زوَّده اللهُ به مِن قُدُرات، وأمدَّه مِن طاقاتٍ وإمكانات.

وهذه الإدارةُ تُسمَّى في الشرعِ: «القِوامةَ»، وهي لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ، ولا تعني أيضًا التسلُّطَ والدِّكْتاتُوريَّةَ، أو الاستبدادَ والسيطرةَ والقهر، وإنما تعني المسؤوليَّةَ والتكليفَ الذي تقتضيهِ هندسةُ الأسرةِ وطبيعةُ الحياة؛ إذْ لا يُمكِنُ للأسرةِ أن يستقيمَ بناؤُها، ويستمِرَّ عطاؤُها، إلا في ظِلِّ إدارةٍ وقيادةٍ ومسؤوليَّةٍ واحدة، أناطها اللهُ بالرجُلِ بقولِهِ سبحانه:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}

[البقرة: 228]

، أي: درَجةُ القِوامةِ، ولقولِهِ عزَّ وجلَّ:

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}

[النساء: 34].

الجواب التفصيلي


إن الطعنَ في حقِّ القِوامةِ للرجُلِ جاء مِن جهةِ المستشرِقِين والحَدَاثيِّين الذين يَدْعُون إلى قراءاتٍ جديدةٍ للنصِّ الشرعيِّ، وهم يُظهِرون في ذلك غايةَ الإشفاقِ على المرأة، ويُبْطِنون غايةَ الشرّ، وهو إخراجُ المرأةِ عن فطرتِها وحيائِها ودينِها؛ كما كان المنافِقون الأوائلُ يَفعَلون.

والجوابُ عن هذه الشبهةِ يحتاجُ إلى بيانِ مفهومِ القِوامةِ في الشريعة، وأنه منافٍ للقهرِ والتسلُّطِ، وكذلك إلى بيانِ ضوابطِ القِوامةِ في الشريعة، وأن القِوامةَ لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ، وأنها تكميلٌ لما يفُوتُ مِن حقِّ المرأةِ لو استقَلَّتْ بنفسِها:

وبيانُ ذلك مِن وجوه:

1) القِوامةُ مسؤوليَّةٌ، والمسؤولُ مطالَبٌ بالرحمةِ والعدل:

فالإسلامُ منَحَ القِوامةَ للرجُل، ولم يَشرَعْ للرجُلِ الاستبدادَ بالمرأةِ، أو التسلُّطَ في الإدارةِ، ولم يُرِدْ أن تكونَ القِوامةُ سلاحًا مسلَّطًا على المرأة، بل جعَلَ هذه الدرَجةَ درَجةَ إشرافٍ وتوجيه، وإدارةٍ ومسؤوليَّة، والمسؤولُ لا بدَّ أن يتَّصِفَ بالرحمةِ والرأفة، والتسامُحِ والتشاوُر؛ فهي ليست درَجةَ تسلُّطٍ أو استبدادٍ أو سيطرة، بل هي قائمةٌ على الشُّورى والتفاهُمِ والتعاوُن، ثم إنها لم تُلْغِ شخصيَّةَ المرأةِ؛ فالمرأةُ في ظِلِّ القِوامةِ تتمتَّعُ بكاملِ حقوقِها، وتمارِسُ وظائفَها بحرِّيَّةٍ مطلَقةٍ.

فـ «القِوامةُ»: هي رياسةٌ يتصرَّفُ فيها المرؤوسُ بإرادتِهِ واختيارِه، وليس معناها أن يكونَ المرؤوسُ مقهورًا، مسلوبَ الإرادةِ، لا يَعمَلُ إلا ما يوجِّهُهُ إليه رئيسُه؛ فإن كونَ الشخصِ قيِّمًا على آخَرَ، هذا لا يعني إلا إرشادَهُ ومراقَبتَهُ في تنفيذِ ما يُرشِدُهُ إليه، أي: ملاحَظتَهُ في أعمالِهِ وتربيتَه، وهي - بهذا الاعتبارِ - مسؤوليَّةٌ وعِبْءٌ على الرجُلِ أكثرَ مِنها على المرأة؛ فالقِوامةُ إمارةٌ، والأصلُ في الإمارةِ: أنها تكليفٌ لا تشريف؛ لأن غُرمَها أعظمُ مِن غُنمِها.

2) حقُّ القِوامةِ في الشريعةِ له ضوابطُ:

فالقِوامةُ في الشريعةِ الإسلاميَّةِ لها مدًى تقفُ عنده، وتنتهي إليه:

فهي لا تمتدُّ إلى «حرِّيَّةِ الدِّينِ»؛ فليس للرجُلِ أن يُكرِهَ زوجتَهُ على تغييرِ دِينِها إذا كانت كتابيَّةً، ولا يُجبِرَها على اتِّباعِ مذهبٍ معيَّنٍ، أو اجتهادٍ محدَّدٍ مِن الاجتهاداتِ الفقهيَّةِ في الإسلامِ التي لا تخالِفُ نصًّا ولا إجماعًا.

كما لا تمتدُّ تلك القِوامةُ إلى «حرِّيَّةِ المرأةِ في أموالِها الخاصَّة»، ولا في «الحقوقِ المدنيَّةِ جميعِها»، وليس لها طاعتُهُ؛ «إذا أمَرَها بمعصية».

3) القِوامةُ لا تَعْني الأفضليَّةَ المطلَقةَ:

فإنما مُنِحَتِ القِوامةُ للرجُلِ بسببِ خصائصِه، واستعدادتِهِ الفطريَّة، ولتوزيعِ المَهامِّ بينه وبين المرأة، وقد مُنِحتِ المرأةُ مَهامَّ توازي مَهامَّ الرجُل، بل قد تكونُ أعظمَ مِن مَهامِّ الرجُلِ ووظائفِهِ أحيانًا.

4) القِوامةُ تكميلٌ لما يفُوتُ ويَضيعُ مِن حقِّ المرأةِ لو استقَلَّتْ بنفسِها:

ولذا نجدُ أن أكثرَ ما تَقْوى القِوامةُ للرجُلِ على المرأةِ عند حاجتِها إلى معامَلةِ الرجال؛ لذا يحرُمُ سفَرُها بلا مَحرَمٍ، أو خَلْوتُها، أو اختلاطُها بهم؛ لأن المرأةَ تضعُفُ عند الرجُلِ الأجنبيِّ لحيائِها، ويضعُفُ الرجلُ والمرأةُ إذا كانا أجنبيَّيْنِ بعضُهما أمام بعضٍ؛ لمَيْلِ أحدِ الجنسَيْنِ إلى الآخَرِ فطرةً، فتضيعُ الحقوقُ الماليَّةُ والزوجيَّةُ وغيرُهما تحت سِتارِ العاطفة.

وإذا حضَرَتِ العاطفةُ، فقد يَغيبُ العقلُ، ويَضيعُ العدلُ؛ ولهذا فقد جعَلَ اللهُ لها وليًّا في نكاحِها، لا تحضُرُ العاطفةُ معه في مقابِلِ الرجُل؛ فيَحفَظُ للمرأةِ حقَّها في مَهْرِها، واختيارِ زوجِها، وشروطِ نكاحِها، ولو جاز للنساءِ أن يَعقِدْنَ لأنفُسِهنَّ على الرجالِ، لضاعت حقوقُهُنَّ؛ فجعَلَ اللهُ بينهما وليًّا يقومُ بما قد يفُوتُ ويَضيعُ مِن حظِّها؛ لحضورِ عاطِفتِها مع الرجُلِ الأجنبيِّ عنها، وإذا زوَّجها وليُّها، انتقَلتِ القِوامةُ إلى زوجِها الذي كانت هي تحتاجُ إلى قيِّمٍ يقومُ بأمرِ زواجِها منه؛ لأن الزوجَ قبل العقدِ أجنبيٌّ، وبعده قريبٌ يَحفَظُ حقَّها، ويَرْعى شأنَها؛ كما أوضحناهُ في الأوجُهِ المتقدِّمةِ آنفًا.

ولحكمةٍ إلهيَّةٍ بالِغةٍ قرَنَ القرآنُ الكريمُ فى آياتِ القِوامةِ بين مساواةِ النساءِ للرجال، وبين درَجةِ القِوامةِ التى للرجالِ على النساء، بل قدَّم هذه المساواةَ على تلك الدرَجةَ، عاطفًا الثانيةَ على الأُولى بـ «واوِ العطف»، دلالةً على المعيَّةِ والاقتران، أي: أن المساواةَ والقِوامةَ صِنْوانِ مقترِنان، يرتبِطُ كلٌّ منهما بالآخَر، وليسا نقيضَيْنِ؛ حتى يتوهَّمَ واهمٌ أن القِوامةَ نقيضٌ ينتقِصُ مِن المساواة.

ولحكمةٍ إلهيَّةٍ جاء ذلك فى القرآنِ الكريمِ، عندما قال اللهُ سبحانه وتعالى فى الحديثِ عن شؤونِ الأسرةِ وأحكامِها:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}

[البقرة: 228]

؛ سبحانه وتعالى.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (135)، (143)، (146)، (147)، (149)، (205)، (211)، (214)، (227)، (233)، (240)، (246).