نص السؤال

مخاطَبةُ مَريَمَ بـ

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]،

والزمنُ كبيرٌ بينهما، دليلٌ على خطأِ القرآنِ واختلاقِه. 

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

القرآنُ مختلَقٌ مِن وضعِ محمَّدٍ.

القرآنُ متناقِضٌ. 

  أخطاءٌ في القرآن. 

الجواب التفصيلي


الجوابُ التفصيليّ:

الجوابُ عن هذه الشبهةِ يكونُ بذكرِ أمورٍ:

الأوَّلُ: لم يصرِّحِ القرآنُ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ عليهما السلامُ:

قال شيخُ الإسلامِ: «أورَدَ بعضُ النصارى على

قولِهِ تعالى :

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]؛

ظنًّا منه أن هارونَ هذا هو هارونُ أخو موسى بنِ عمرانَ، وأن عمرانَ هذا هو عمرانُ أبو مَريَمَ أمِّ المسيحِ؛ فسُئِلَ النبيُّ ^ عن ذلك،

بأن هارونَ هذا ليس هو ذاك، ولكنَّهم كانوا يسمُّون بأسماءِ الأنبياءِ والصالِحين

؛ [رواه مسلم (2135)].

وبعضُ جُهَّالِ النصارى يَقدَحُ في القرآنِ بمِثلِ هذا، ولا يَعلَمُ هذا المفرِطُ في جهلِهِ: أن آحادَ الناسِ يَعلَمون: أن بين موسى وعيسى مُدَّةً طويلةً جِدًّا، يمتنِعُ معها أن يكونَ موسى وهارونُ خالَيِ المسيحِ، وأن هذا مما لا يَخْفى على أقلِّ أتباعِ محمَّدٍ ^، فضلًا عن أن يَخْفى على محمَّدٍ ^». اهـ. «الجوابُ الصحيح» (1/ 225).

وقال ابنُ القيِّمِ:

«وليس في الآيةِ ما يدُلُّ على أنه هارونُ بنُ عمرانَ، حتى يَلزَمَ الإشكالُ؛ بل المُورِدُ ضَمَّ إلى هذا: أنه هارونُ بنُ عمرانَ، ولم يكتفِ بذلك حتى ضَمَّ إليه: أنه أخو موسى بنِ عمرانَ، ومعلومٌ: أنه لا يدُلُّ اللفظُ على شيءٍ مِن ذلك؛ فإيرادُهُ إيرادٌ فاسدٌ، وهو إما مِن سوءِ الفهمِ، أو فسادِ القصدِ»

. اهـ. «زاد المعاد» (3/ 563).

ويقالُ أيضًا: هذا الذي في القرآنِ إنما هو حكايةٌ عن قولِ بني إسرائيلَ لمَريَمَ عليها السلامُ، ولم يقل أحدٌ مِن المسلِمين: بأن مَريَمَ عليها السلامُ أختُ هارونَ أخي موسى عليهما السلامُ، بل يسلِّمُ المسلِمون بأن هارونَ كان قبل مَريَمَ بزمنٍ كبيرٍ، وقد قيل: (600 سنة)، وقيل: (1000 سنة).

وقد يقولُ قائلٌ: «حتى وإنْ كان هذا هو قولَ بني إسرائيلَ، ولكنَّ القرآنَ قد أقرَّهم على هذا الخطأ؛ فهو خطأٌ أيضًا»:

ونقولُ: ليس قولُ بني إسرائيلَ هنا خطأً؛ فإن القرآنَ لا يُقِرُّ على باطلٍ، ولكنَّ الآيةَ لها محامِلُ كثيرةٌ، وكلُّها صحيحةٌ ذكَرَها المفسِّرون.

الثاني: تعدُّدُ أوجُهِ الآية:

- فإما أن مَريَمَ عليها السلامُ مِن نَسْلِ هارونَ النبيِّ عليه السلامُ، فنُسِبَتْ إليه؛ كما يقالُ: «يا أخا هَمْدانَ»، أي: يا واحدًا منهم ، وقولِهم: «يا أخا العرَب».

- وإما أنها كانت أختًا لرجُلٍ صالحٍ اسمُهُ: «هارُونُ»؛ فإنهم كانوا يتسمَّوْنَ بأسماءِ أنبيائِهم؛ (وهذا هو أظهَرُ الوجوه).

- وإما أنها نُسِبَت لرجُلٍ صالحٍ مِن بني إسرائيلَ اسمُهُ: «هارُونُ»، وكان يُنسَبُ إليه كلُّ مَن كان صالحًا منهم.

- وإما أنهم شبَّهوها بهارونَ النبيِّ عليه السلامُ، في الصلاحِ؛ مِن كثرةِ عبادتِها.

- وقيل: بل كان في ذلك الزمنِ رجُلٌ فاجرٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، فنسَبوها إليه على جهة التعييرِ والتوبيخ.

الثالثُ: التوجيهُ الصحيحُ للآية:

أقربُ الوجوهِ إلى الصوابِ: هو الوجهُ الثاني:

قال الطاهرُ بنُ عاشُورٍ:

«فقولُهُ تعالى:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

يحتمِلُ أن يكونَ على حقيقتِهِ؛ فيكونُ لمَريَمَ أخٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، كان صالحًا في قومِه، خاطَبُوها بالإضافةِ إليه؛ زيادةً في التوبيخِ، أي: ما كان لأختِ مِثلِهِ أن تَفعَلَ فَعْلَتَكِ؛ وهذا أظهَرُ الوجهَيْنِ؛ ففي «صحيحِ مسلمٍ» [(2135)]، وغيرِهِ، عن المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَؤُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]، ومُوسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال المُغيرةُ: فلم أَدْرِ ما أقولُ، فلمَّا قَدِمتُ على رسولِ اللهِ، ذكَرْتُ ذلك له، فقال: «أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ». اهـ. ففي هذا تجهيلٌ لأهلِ نَجْرانَ أن طعَنوا في القرآنِ على توهُّمِ أنْ ليس في القومِ مَن اسمُهُ: «هارُونُ»، إلا هارونَ الرسولَ أخا موسى.

ويحتمِلُ أن معنى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]: أنها إحدى النساءِ مِن ذُرِّيَّةِ هارونَ أخي موسى؛ كقولِ أبي بكرٍ: «يَا أُخْتَ بني فِرَاسٍ»، وقد كانت مَريَمُ مِن ذرِّيَّةِ هارونَ أخي موسى، مِن سِبْطِ لَاوِي؛ ففي «إنجيلِ لُوقَا»: «كَانَ كَاهِنٌ اسْمُهُ: «زَكَرِيَّاءُ»، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ، وَاسْمُهَا: «إِلْيَصَابَاتُ»، وَ«إِلْيَصَابَاتُ»: زَوْجَةُ زَكَرِيَّاءَ نَسِيبَةُ مَرْيَمَ، أي: ابْنَةُ عَمِّهَا». اهـ. «التحرير والتنوير» (16/ 95-96).

فدعوى الخطأِ في القرآنِ باطلةٌ؛ فإن القرآنَ لم يصرِّحْ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ، وكذلك لم يصرِّحْ بذلك أحدٌ مِن المسلِمين.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (64).

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن القرآنَ قد خاطَبَ مَريَمَ بـ {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]، والفارقُ الزمنيُّ بين هارونَ ومَريَمَ كبيرٌ جِدًّا؛ فكيف يكونُ أخًا لها؟!

فهذا يدُلُّ - في زعمِهِ - على خطأِ القرآنِ واختلاقِه؛ وهو بذلك يدُلُّ على أنه ليس وحيًا مِن عندِ الله.

مختصَرُ الإجابة:

إن هذا حكايةٌ عن قولِ بني إسرائيلَ لمريَمَ عليها السلامُ، ولم يقل أحدٌ مِن المسلِمين: بأن مَريَمَ عليها السلامُ أختُ هارونَ أخي موسى عليهما السلامُ، بل يسلِّمُ المسلِمون: بأن هارونَ كان قبل مَريَمَ بزمنٍ كبير، وقد قيل: «600 سنةٍ»، وقيل: «1000 سنةٍ».

وقد يقولُ قائلٌ: «حتى وإن كان هذا هو قولَ بني إسرائيلَ، ولكنَّ القرآنَ قد أقرَّهم على هذا الخطأ؛ فهو خطأٌ أيضًا»:

ونقولُ: ليس قولُ بني إسرائيلَ هنا خطأً؛ فإن القرآنَ لا يُقِرُّ على باطلٍ، ولكنَّ الآيةَ لها محامِلُ كثيرةٌ صحيحةٌ ذكَرَها المفسِّرون:

- فإما أن مَريَمَ عليها السلامُ مِن نَسْلِ هارونَ النبيِّ عليه السلامُ، فنُسِبَتْ إليه؛ كما يقالُ: «يا أخا هَمْدانَ»، أي: يا واحدًا منهم، وقولِهم: «يا أخا العرَب».

- وإما أنها كانت أختًا لرجُلٍ صالحٍ اسمُهُ: «هارُونُ»؛ فإنهم كانوا يتسمَّوْنَ بأسماءِ أنبيائِهم؛ (وهذا هو أظهَرُ الوجوه).

- وإما أنها نُسِبَت لرجُلٍ صالحٍ مِن بني إسرائيلَ اسمُهُ: «هارُونُ»، وكان يُنسَبُ إليه كلُّ مَن كان صالحًا منهم.

- وإما أنهم شبَّهوها بهارونَ النبيِّ عليه السلامُ، في الصلاحِ؛ مِن كثرةِ عبادتِها.

- وقيل: بل كان في ذلك الزمنِ رجُلٌ فاجرٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، فنسَبوها إليه على جهةِ التعييرِ والتوبيخ. فدعوى الخطأِ في القرآنِ باطلةٌ؛ فإن القرآنَ لم يصرِّحْ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ، وكذلك لم يصرِّحْ بذلك أحدٌ مِن المسلِمين.

مختصر الجواب

مضمونُ السؤال:

صاحبُ هذا السؤالِ يَرَى أن القرآنَ قد خاطَبَ مَريَمَ بـ {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]، والفارقُ الزمنيُّ بين هارونَ ومَريَمَ كبيرٌ جِدًّا؛ فكيف يكونُ أخًا لها؟!

فهذا يدُلُّ - في زعمِهِ - على خطأِ القرآنِ واختلاقِه؛ وهو بذلك يدُلُّ على أنه ليس وحيًا مِن عندِ الله.

مختصَرُ الإجابة:

إن هذا حكايةٌ عن قولِ بني إسرائيلَ لمريَمَ عليها السلامُ، ولم يقل أحدٌ مِن المسلِمين: بأن مَريَمَ عليها السلامُ أختُ هارونَ أخي موسى عليهما السلامُ، بل يسلِّمُ المسلِمون: بأن هارونَ كان قبل مَريَمَ بزمنٍ كبير، وقد قيل: «600 سنةٍ»، وقيل: «1000 سنةٍ».

وقد يقولُ قائلٌ: «حتى وإن كان هذا هو قولَ بني إسرائيلَ، ولكنَّ القرآنَ قد أقرَّهم على هذا الخطأ؛ فهو خطأٌ أيضًا»:

ونقولُ: ليس قولُ بني إسرائيلَ هنا خطأً؛ فإن القرآنَ لا يُقِرُّ على باطلٍ، ولكنَّ الآيةَ لها محامِلُ كثيرةٌ صحيحةٌ ذكَرَها المفسِّرون:

- فإما أن مَريَمَ عليها السلامُ مِن نَسْلِ هارونَ النبيِّ عليه السلامُ، فنُسِبَتْ إليه؛ كما يقالُ: «يا أخا هَمْدانَ»، أي: يا واحدًا منهم، وقولِهم: «يا أخا العرَب».

- وإما أنها كانت أختًا لرجُلٍ صالحٍ اسمُهُ: «هارُونُ»؛ فإنهم كانوا يتسمَّوْنَ بأسماءِ أنبيائِهم؛ (وهذا هو أظهَرُ الوجوه).

- وإما أنها نُسِبَت لرجُلٍ صالحٍ مِن بني إسرائيلَ اسمُهُ: «هارُونُ»، وكان يُنسَبُ إليه كلُّ مَن كان صالحًا منهم.

- وإما أنهم شبَّهوها بهارونَ النبيِّ عليه السلامُ، في الصلاحِ؛ مِن كثرةِ عبادتِها.

- وقيل: بل كان في ذلك الزمنِ رجُلٌ فاجرٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، فنسَبوها إليه على جهةِ التعييرِ والتوبيخ. فدعوى الخطأِ في القرآنِ باطلةٌ؛ فإن القرآنَ لم يصرِّحْ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ، وكذلك لم يصرِّحْ بذلك أحدٌ مِن المسلِمين.

الجواب التفصيلي


الجوابُ التفصيليّ:

الجوابُ عن هذه الشبهةِ يكونُ بذكرِ أمورٍ:

الأوَّلُ: لم يصرِّحِ القرآنُ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ عليهما السلامُ:

قال شيخُ الإسلامِ: «أورَدَ بعضُ النصارى على

قولِهِ تعالى :

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]؛

ظنًّا منه أن هارونَ هذا هو هارونُ أخو موسى بنِ عمرانَ، وأن عمرانَ هذا هو عمرانُ أبو مَريَمَ أمِّ المسيحِ؛ فسُئِلَ النبيُّ ^ عن ذلك،

بأن هارونَ هذا ليس هو ذاك، ولكنَّهم كانوا يسمُّون بأسماءِ الأنبياءِ والصالِحين

؛ [رواه مسلم (2135)].

وبعضُ جُهَّالِ النصارى يَقدَحُ في القرآنِ بمِثلِ هذا، ولا يَعلَمُ هذا المفرِطُ في جهلِهِ: أن آحادَ الناسِ يَعلَمون: أن بين موسى وعيسى مُدَّةً طويلةً جِدًّا، يمتنِعُ معها أن يكونَ موسى وهارونُ خالَيِ المسيحِ، وأن هذا مما لا يَخْفى على أقلِّ أتباعِ محمَّدٍ ^، فضلًا عن أن يَخْفى على محمَّدٍ ^». اهـ. «الجوابُ الصحيح» (1/ 225).

وقال ابنُ القيِّمِ:

«وليس في الآيةِ ما يدُلُّ على أنه هارونُ بنُ عمرانَ، حتى يَلزَمَ الإشكالُ؛ بل المُورِدُ ضَمَّ إلى هذا: أنه هارونُ بنُ عمرانَ، ولم يكتفِ بذلك حتى ضَمَّ إليه: أنه أخو موسى بنِ عمرانَ، ومعلومٌ: أنه لا يدُلُّ اللفظُ على شيءٍ مِن ذلك؛ فإيرادُهُ إيرادٌ فاسدٌ، وهو إما مِن سوءِ الفهمِ، أو فسادِ القصدِ»

. اهـ. «زاد المعاد» (3/ 563).

ويقالُ أيضًا: هذا الذي في القرآنِ إنما هو حكايةٌ عن قولِ بني إسرائيلَ لمَريَمَ عليها السلامُ، ولم يقل أحدٌ مِن المسلِمين: بأن مَريَمَ عليها السلامُ أختُ هارونَ أخي موسى عليهما السلامُ، بل يسلِّمُ المسلِمون بأن هارونَ كان قبل مَريَمَ بزمنٍ كبيرٍ، وقد قيل: (600 سنة)، وقيل: (1000 سنة).

وقد يقولُ قائلٌ: «حتى وإنْ كان هذا هو قولَ بني إسرائيلَ، ولكنَّ القرآنَ قد أقرَّهم على هذا الخطأ؛ فهو خطأٌ أيضًا»:

ونقولُ: ليس قولُ بني إسرائيلَ هنا خطأً؛ فإن القرآنَ لا يُقِرُّ على باطلٍ، ولكنَّ الآيةَ لها محامِلُ كثيرةٌ، وكلُّها صحيحةٌ ذكَرَها المفسِّرون.

الثاني: تعدُّدُ أوجُهِ الآية:

- فإما أن مَريَمَ عليها السلامُ مِن نَسْلِ هارونَ النبيِّ عليه السلامُ، فنُسِبَتْ إليه؛ كما يقالُ: «يا أخا هَمْدانَ»، أي: يا واحدًا منهم ، وقولِهم: «يا أخا العرَب».

- وإما أنها كانت أختًا لرجُلٍ صالحٍ اسمُهُ: «هارُونُ»؛ فإنهم كانوا يتسمَّوْنَ بأسماءِ أنبيائِهم؛ (وهذا هو أظهَرُ الوجوه).

- وإما أنها نُسِبَت لرجُلٍ صالحٍ مِن بني إسرائيلَ اسمُهُ: «هارُونُ»، وكان يُنسَبُ إليه كلُّ مَن كان صالحًا منهم.

- وإما أنهم شبَّهوها بهارونَ النبيِّ عليه السلامُ، في الصلاحِ؛ مِن كثرةِ عبادتِها.

- وقيل: بل كان في ذلك الزمنِ رجُلٌ فاجرٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، فنسَبوها إليه على جهة التعييرِ والتوبيخ.

الثالثُ: التوجيهُ الصحيحُ للآية:

أقربُ الوجوهِ إلى الصوابِ: هو الوجهُ الثاني:

قال الطاهرُ بنُ عاشُورٍ:

«فقولُهُ تعالى:

{يَا أُخْتَ هَارُونَ}

[مريم: 28]

يحتمِلُ أن يكونَ على حقيقتِهِ؛ فيكونُ لمَريَمَ أخٌ اسمُهُ: «هارُونُ»، كان صالحًا في قومِه، خاطَبُوها بالإضافةِ إليه؛ زيادةً في التوبيخِ، أي: ما كان لأختِ مِثلِهِ أن تَفعَلَ فَعْلَتَكِ؛ وهذا أظهَرُ الوجهَيْنِ؛ ففي «صحيحِ مسلمٍ» [(2135)]، وغيرِهِ، عن المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ، قال: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ إِلَى أَهْلِ نَجْرَانَ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَؤُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]، ومُوسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال المُغيرةُ: فلم أَدْرِ ما أقولُ، فلمَّا قَدِمتُ على رسولِ اللهِ، ذكَرْتُ ذلك له، فقال: «أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ». اهـ. ففي هذا تجهيلٌ لأهلِ نَجْرانَ أن طعَنوا في القرآنِ على توهُّمِ أنْ ليس في القومِ مَن اسمُهُ: «هارُونُ»، إلا هارونَ الرسولَ أخا موسى.

ويحتمِلُ أن معنى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: 28]: أنها إحدى النساءِ مِن ذُرِّيَّةِ هارونَ أخي موسى؛ كقولِ أبي بكرٍ: «يَا أُخْتَ بني فِرَاسٍ»، وقد كانت مَريَمُ مِن ذرِّيَّةِ هارونَ أخي موسى، مِن سِبْطِ لَاوِي؛ ففي «إنجيلِ لُوقَا»: «كَانَ كَاهِنٌ اسْمُهُ: «زَكَرِيَّاءُ»، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ، وَاسْمُهَا: «إِلْيَصَابَاتُ»، وَ«إِلْيَصَابَاتُ»: زَوْجَةُ زَكَرِيَّاءَ نَسِيبَةُ مَرْيَمَ، أي: ابْنَةُ عَمِّهَا». اهـ. «التحرير والتنوير» (16/ 95-96).

فدعوى الخطأِ في القرآنِ باطلةٌ؛ فإن القرآنَ لم يصرِّحْ بأن مَريَمَ أختُ هارونَ النبيِّ، وكذلك لم يصرِّحْ بذلك أحدٌ مِن المسلِمين.

وراجِعْ: جوابَ السؤال رقم: (64).