نص السؤال

جاءت نصوصٌ في القرآنِ تُثْني على النصارى؛ مثلُ قولِهِ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

[البقرة: 62]

وأُخْرى تذُمُّهم؛ مثلُ قولِهِ:

{وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}

[التوبة: 30]

وهذا يُفيدُ تعارُضَ القرآن.

المؤلف: باحثو مركز أصول

المصدر: مركز أصول

عبارات مشابهة للسؤال

هل هناك تناقُضٌ في نصوصِ القرآنِ في موضوعِ الحُكمِ على النصارى؟

الجواب التفصيلي

لا تعارُضَ في نصوصِ القرآنِ الكريمِ، وقد يَبْدو لبعضِهم تعارُضٌ في بعضِ الآياتِ؛ وذلك لضعفِ التحصيلِ اللُّغَويِّ والفِقْهيِّ؛ ولذا شُرِعَ سؤالُ أهلِ العلم.

والجوابُ على ما ظاهِرُهُ التعارُضُ في السؤالِ في الوجوهِ الثلاثةِ التالية: الوجهُ الأوَّلُ: أن نَصَّ الآيةِ الأُولى التي يقولون: إن فيها ثناءً عليهم يشترِطُ لنزولِ رِضا اللهِ سبحانه وتعالى: أن يكونَ أولئك ممَّن يؤمِنون باللهِ، واليومِ الآخِرِ، ويَعمَلونَ صالحًا:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

[البقرة: 62]

ومثلُهُ قولُهُ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

[المائدة: 69]

ومِن مقتضَياتِ الإيمانِ بالله: الإيمانُ بكُتُبِه، ومنها القرآنُ الكريم.

ومِن مقتضَياتِ الإيمانِ باليومِ الآخِرِ أيضًا: الإيمانُ بالقرآنِ الكريمِ؛

قال اللهُ عزَّ وجلَّ:

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ}

[الأنعام: 92]

فالآيةُ تقولُ: إن المؤمِنين بالآخِرةِ يؤمِنون بالقرآنِ الكريم؛ وبالتالي: فإن مَن لا يؤمِنُ بالقرآن، ليس مؤمِنًا بالآخِرة.

الوجهُ الثاني: أن المرادَ

بقولِهِ تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

[البقرة: 62]

المرادُ به: هذه الفِرَقُ مِن الناسِ التي عُرِفَتْ بهذه الأسماءِ مِن الذين اتَّبَعوا الأنبياءَ السابِقين، واستمَرُّوا على دينِ التوحيدِ وعلى مناهجِ أنبيائِهم كما هي:

وأما ما صاروا إليه مِن عقيدةِ التجسيدِ، والإشراكِ، والتثليثِ، واختلاقِ الأباطيلِ على اللهِ تعالى، والإفسادِ في الأرضِ، وغيرِ ذلك -: فإنما هي رذائلُ تتنافى مع الإيمانِ والعملِ الصالح؛ وبالتالي لا يَرِثُ أصحابُها الدارَ الآخِرةَ.

الوجهُ الثالثُ: جاء عن ابنِ عبَّاسٍ لمَّا نزَلتْ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

[البقرة: 62]

أنزَلَ اللهُ بعدَها:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}

[آل عمران: 85]

وفي هذا إشارةٌ منه إلى أن الآيةَ الثانيةَ نسَختْ آيةَ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...}

[البقرة: 62]

والحاصلُ: أنه لا دليلَ على تناقُضِ القرآنِ في حُكمِهِ على النصارى وغيرِهم، وبأيِّ الأوجُهِ السابقةِ أخَذْتَ، فهو ظاهرٌ وواضحٌ، وقد فصَّل القرآنُ وبيَّن أنه لا يُقبَلُ مِن الناسِ غيرُ الإسلامِ دِينًا.

مختصر الجواب

الآيةُ الأُولى: لا تَقصِدُ النصارى الذين أشرَكوا بالله، وإنما تتكلَّمُ عن السابِقين منهمُ الذين كانوا يؤمِنون باللهِ، واليومِ الآخِرِ، ويَعمَلُون صالحًا؛ فهؤلاءِ كانوا على دِينِ التوحيدِ، وعلى مناهجِ أنبيائِهم كما هي؛ وذلك ما تنُصُّ عليه الآية.

وهناك وجهٌ آخَرُ؛ وهو: ما ذكَرَهُ ابنُ عبَّاسٍ: مِن أن آيةَ البقرةِ نُسِخَتْ

بقولِهِ تعالى:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}

[آل عمران: 85]

ولمعرفةِ المرادِ مِن أيِّ آيةٍ ينبغي قراءتُها كاملةً بلا اقتطاعٍ، مع اطِّلاعٍ جيِّدٍ بمسألةِ الناسخِ والمنسوخ.

مختصر الجواب

الآيةُ الأُولى: لا تَقصِدُ النصارى الذين أشرَكوا بالله، وإنما تتكلَّمُ عن السابِقين منهمُ الذين كانوا يؤمِنون باللهِ، واليومِ الآخِرِ، ويَعمَلُون صالحًا؛ فهؤلاءِ كانوا على دِينِ التوحيدِ، وعلى مناهجِ أنبيائِهم كما هي؛ وذلك ما تنُصُّ عليه الآية.

وهناك وجهٌ آخَرُ؛ وهو: ما ذكَرَهُ ابنُ عبَّاسٍ: مِن أن آيةَ البقرةِ نُسِخَتْ

بقولِهِ تعالى:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}

[آل عمران: 85]

ولمعرفةِ المرادِ مِن أيِّ آيةٍ ينبغي قراءتُها كاملةً بلا اقتطاعٍ، مع اطِّلاعٍ جيِّدٍ بمسألةِ الناسخِ والمنسوخ.

الجواب التفصيلي

لا تعارُضَ في نصوصِ القرآنِ الكريمِ، وقد يَبْدو لبعضِهم تعارُضٌ في بعضِ الآياتِ؛ وذلك لضعفِ التحصيلِ اللُّغَويِّ والفِقْهيِّ؛ ولذا شُرِعَ سؤالُ أهلِ العلم.

والجوابُ على ما ظاهِرُهُ التعارُضُ في السؤالِ في الوجوهِ الثلاثةِ التالية: الوجهُ الأوَّلُ: أن نَصَّ الآيةِ الأُولى التي يقولون: إن فيها ثناءً عليهم يشترِطُ لنزولِ رِضا اللهِ سبحانه وتعالى: أن يكونَ أولئك ممَّن يؤمِنون باللهِ، واليومِ الآخِرِ، ويَعمَلونَ صالحًا:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

[البقرة: 62]

ومثلُهُ قولُهُ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

[المائدة: 69]

ومِن مقتضَياتِ الإيمانِ بالله: الإيمانُ بكُتُبِه، ومنها القرآنُ الكريم.

ومِن مقتضَياتِ الإيمانِ باليومِ الآخِرِ أيضًا: الإيمانُ بالقرآنِ الكريمِ؛

قال اللهُ عزَّ وجلَّ:

{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ}

[الأنعام: 92]

فالآيةُ تقولُ: إن المؤمِنين بالآخِرةِ يؤمِنون بالقرآنِ الكريم؛ وبالتالي: فإن مَن لا يؤمِنُ بالقرآن، ليس مؤمِنًا بالآخِرة.

الوجهُ الثاني: أن المرادَ

بقولِهِ تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

[البقرة: 62]

المرادُ به: هذه الفِرَقُ مِن الناسِ التي عُرِفَتْ بهذه الأسماءِ مِن الذين اتَّبَعوا الأنبياءَ السابِقين، واستمَرُّوا على دينِ التوحيدِ وعلى مناهجِ أنبيائِهم كما هي:

وأما ما صاروا إليه مِن عقيدةِ التجسيدِ، والإشراكِ، والتثليثِ، واختلاقِ الأباطيلِ على اللهِ تعالى، والإفسادِ في الأرضِ، وغيرِ ذلك -: فإنما هي رذائلُ تتنافى مع الإيمانِ والعملِ الصالح؛ وبالتالي لا يَرِثُ أصحابُها الدارَ الآخِرةَ.

الوجهُ الثالثُ: جاء عن ابنِ عبَّاسٍ لمَّا نزَلتْ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ}

[البقرة: 62]

أنزَلَ اللهُ بعدَها:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}

[آل عمران: 85]

وفي هذا إشارةٌ منه إلى أن الآيةَ الثانيةَ نسَختْ آيةَ:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...}

[البقرة: 62]

والحاصلُ: أنه لا دليلَ على تناقُضِ القرآنِ في حُكمِهِ على النصارى وغيرِهم، وبأيِّ الأوجُهِ السابقةِ أخَذْتَ، فهو ظاهرٌ وواضحٌ، وقد فصَّل القرآنُ وبيَّن أنه لا يُقبَلُ مِن الناسِ غيرُ الإسلامِ دِينًا.